رجولــة كاذبـــــــة
ورثنا نحن الرجال أفكارا" ومعتقدات كثيرة من تراثنا الشرقي ومن مجتمعنا وبيئتنا، ولكثرة ماورثنا ، اختلطت علينا الامور فبتنا نستعمل تلك المصطلحات الموروثة في حياتنا بشكل خاطىء أحيانا" … فالشيم العربية الاصيلة هي موروثات جميلة ومهمة ، وهي مدعاة فخر لنا نحن العرب الشرقيون ،
وربما لانبالغ إذا قلنا بأن الحضارة العربية بما تزخر من شيم أصيلة قد أغنت تراثنا ولغتنا بمفردات قل مثيلها في الحضارات الأخرى ، فكم تغنى الشعراء بها وكم كتبت قصص وروايات في أدبنا العربي أخذت أهميتها من تلك الشيم والاصالة .
ولكن ياترى هل نستعمل تلك الشيم والاصالة في مكانها الصحيح في مجتمعنا أو تحديدا" في عالمنا العربي ، الذي تغنى بها ، وفخر فيها ، لدرجة أن بعضها صار سمة خاصة للانسان العربي ، كالشهامة والمروءة والكرم والوفاء ...الخ
ففي حياتنا الحاضرة ولللأسف بتنا نرى اليوم مفاهيم مقلوبة يطبقها بعض رجالنا لتلك القيم والشيم بشكل خاطئ إما عن جهل أو لغاية يدركها تماما تفيد مصلحته .
فمثلا" عندما نقول - فارس صلب عنيد في ساحة القتال لايهاب أحدا" ولايخشى شيئا" – فهل تبقى هذه الشيمة فخرا" اذا ما استبدلنا عبارة " ساحة القتال " بعبارة " في بيته " أو " في مجتمعه " ؟؟؟
وعندما نقول " رجل شجاع يرتجف من صوته كل الجنود في المعسكر" … فهل تبقى هذه الجملة مدعـــاة اعتزاز واعجاب ، اذا ما استبدلت بعبارة " يرتجف من صوته زوجته وكل أولاده في البيت " ؟؟؟
وعندما نقول "رجل ثابت صامد عنيد بتمسكه بايمانه بالله والوطن" ، فهل تبقى هذه الجملة رائعة ومحل اعجاب صاحبها ، اذا تم استبدال عبارة " بايمانه بالله والوطن .. بآرائه في حواره مع زوجته ، هذا إذا كان يؤمن أصلا" بالحوار ؟؟؟
الى متى سنبقى حرفيين وفريسيين في تعاملنا مع الآخرين ؟ وأي آخرين " أزواجنا وأولادنا "
الى متى سنطبق شيمنا العربية بشكل مغلوط وبانتقائية ومزاجية ؟؟
الى متى سندافع عن مجتمع ذكوري يتحكم فيه الرجل بسلطته المطلقة ؟؟
الى متى سنظل نحوًر مراد الله ورغبته لنا بالتعامل مع بعضنا البعض بمحبة و مساواة وحوار حقيقي ، ونبذ كل أنانية الى مرادنا نحن بالتسلط والاستعباد ؟؟
الى متى ستبقى ذاكرتنا مليئة بالاحقاد والبغض بدلا" من النسيان والتسامح … الم يحن الوقت لندرك أن الحياة لن تتوقف لمجرد أني أنا مؤمن بأفكاري ، وأن الباقين مخطؤون .. فاما أن يكونوا مثلي أو أنهم سيبقون مكانهم يتخبطون بأفكارهم ..
ألم يحن الوقت لندرك أن التطابق في الافكار هو جمود وتراجع وتباطؤ ، وأن تعدد وجهات النظر هو حيوية وابداع وتطور وغنى …
ألم يحن الوقت لندرك أن لاتطور وتقدم في مجتمعنا بدون أن نعطي المرأة دورا" هاما" ، ونجلسها بقربنا محاورة ، لاعند أرجلنا جارية ، إلى متى سننظر إلى المرأة بأنها ناقصة عقل ودين وملبية طلبات ومتعة للرجل ليفرغ شهواته الجسدية ..
إلى متى سنظل نشرًع قوانين وفتاوى للقبض على حريتها وكرامتها لنبقيها في دائرة مقتنياتنا وأملاكنا
إلى متى سيبقى حبنا لها ورضانا عليها بمقدار ما تتنازل عن حقوقها وأن تكون مطواعة لنا بحسب ما نرغب وبما نعتقد .
إلى متى سنشيؤها ( أي نتعامل معها كشيئ ) وكأنها جزء من ممتلكاتنا نطبق عليها رغباتنا ونزواتنا .
أم أننا سنظل نستغلها و نسخرها لغاياتنا الشخصية ولقناعاتنا الذاتية ، بغض النظر عن سوء التحجيم هذا وخطورته على الحياة العائلية وعلى المجتمع .
ألم يحن الوقت لنعطها حقها بأن تكون عنصرا" فاعلا" في المنزل والمجتمع ، وأن نتعامل معها بكل تلك الشيم العربية الرائعة التي نتغنى بها في الشعر والأدب بشكل أصيل لا كما نرغب ونشتهي ، بل بندية وحب واحترام .
ألم يحن الوقت لكي ننظر إلى أنوثتها الوجدانية الداخلية بدلا من أنوثتها الخارجية المصطنعة في هذه الأيام والتي لا تعدو عن كونها قناع يفرغها تماما من كينونتها الانثوية ، اليس للرجل دورا" بذلك كونه يبحث عن تلك الصورة المصطنعة ويركع أمامها متنازلا عن رجولته الوجدانية لغاية في نفس يعقوب
كفانا مراهقة في قيمنا وانسانيتنا ، ولنخطوا يدا بيد رجل وامرأة لنضج حقيقي في مجتمع وأمة عربية تتوق إلى حضور عالمي فاعل ومؤثر كما كنا في التاريخ ، أمة صدرت الحرف واللغة والعلوم والازدهار ، لنكن ينبوع ماء حيَ بدل مستنقع آسن ، لنكن في النور لافي عسس الظلمة ، لنكن أممين في انسانيتنا وحضارتنا ، لا منعزلين في خصوصياتنا ، مختبئين في مغاور الماضي وجحورها ، حطموا دونكيشوت العدو الحضاري ولا تخافوا من تلاقي الحضارات كي لانصير في صراع الحضارات .